لم تكن علياء محمد تعرف طبيعة مرض ابنتها وما يفرضه من نظام غذائي خاص، بعد سلسلة فحوص فشلت في تشخيصه.
رحلة معاناة طويلة عايشتها الأم المصرية، بسبب التشخصيات الخاطئة، قبل أن يتم اكتشاف حقيقة الإصابة بمرض السيلياك المناعي الذي يصيب الأمعاء.
وساعدت مجموعة متخصصة في موقع “فيسبوك” علياء محمد، إذ إنها تقدم الدعم للمصابين وذويهم، بما في ذلك إرشادات خاصة بطبيعة الغذاء المناسب “الخالي من الجلوتين”.
السم القاتل
“خال من الغلوتين”، هو أول شيء تبحث عنه علياء لدى اختيار أي غذاء لابنتها المصابة بمرض “السيلياك”.
تقول علياء لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إن الجلوتين نعتبره بمثابة السم القاتل لم يعانون من هذا المرض.. ونأمل في التوسع في منتجات خالية منه”، وذلك في معرض روايتها لتفاصيل معاناتها مع مرض ابنتها صاحبة الثمان سنوات، بقولها: “في البداية لم تكن تظهر عليها أي أعراض غير الضعف الشديد والخمول وقصر القامة مقارنة بمن هم في مثل سنها”.
والغلوتين مركب بروتيني موجود في بعض الحبوب والحلويات واللحوم المصنعة.
وأضافت “بعد عدد من التحاليل وزيارات مستمرة لأكثر من 5 أطباء، لم أتمكن من معرفة تشخيص المرض إلا عبر مجموعة لدعم المرضى المصابين به عبر الإنترنت ممن أرشدوني للطريق الصحيح، ونصحوني بزيارة طبيب بعينه، حتى تمكنت من معرفة تفاصيل مرض ابنتي”.
مرض مناعي
مرض السيلياك أو “الداء البطني” هو مرض مناعي يصيب الأمعاء الدقيقة عند تناول الغلوتين للمصابين به.
وغير معروفة أسبابة، ولا يوجد له علاج حتى الآن، باستثناء اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين. وله عدة مضاعفات، أبرزها ما يتعلق بالنمو وقصر القامة.
وفي مصر، ومع نقص المعرفة بذلك المرض من قبل الكثيرين، تنشط صفحات متخصصة عبر مواقع التواصل للتعريف به، ودعم المصابين به، وتبادل الخبرات والتجارب، والنصائح الغذائية، فضلاً عن ترشيح منتجات خالية من الغلوتين في أماكن بعينها عبر المحافظات المصرية.
وتعتبر تلك المجموعات متنفس الكثير من المصابين بالمرض للحصول على المعلومات المناسبة، في ظل غياب الوعي الصحي به، في الوقت الذي يطالب الناشطون بها بضرورة تكثيف الجهود الرسمية التوعوية بالمرض، وكذلك دعم المصابين به بشكل أوسع من قبل الجهات المعنيّة.
“هذه المجموعات دليلي الأول بسبب ما وجدته من خبرات عملية هناك، ووصفات طعام خاصة بالداء البطني، علاوة على أن تلك المجموعات تعتبر مجتمعاً متنوعاً لا يقتصر فيه الحديث عن المرض نفسه فقط، إذ تتناول أسلوب حياة مريض السيلياك بشكل عام”، تقول علياء، التي أشارت إلى معضلة نقص الأطباء المختصين، وكذلك معاناة المرضى من التشخيص الخاطئ في كثير من الأحيان.
حساسية القمح
استشارية التغذية والسمنة بالقاهرة ليندا جاد الحق، تقول لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن السيلياك، الذي يُطلق عليه البعض اسم “مرض حساسية القمح” هو مرض مناعي يصعب تشخيصه، ويُلزم الشخص الذي يعاني منه بعدم تناول الغلوتين، وهو أحد نوعي البروتين الموجودين في حبوب القمح والشوفان والشعير، ويصيب الأمعاء الدقيقة نتيجة تكوينه لأجسام مضادة للبروتين.
وأضافت أن الإنزيم المسؤول عن هضم البروتين، يقوم بمهاجمة أنسجة الأمعاء الدقيقة، الأمر الذي يُسبب التهابا مزمنا يؤدي بدوره إلى ضمور في خلايا الأمعاء المسؤولة عن امتصاص الطعام، بما يؤدي إلى فقدانها وتكسرها، مشيرة إلى أن “صعوبة تشخيص المرض تنتج بالأساس عن تشابه أعراضه مع أعراض أمراض أخرى”.
وأوضحت جاد الحق أن أعراض حساسية القمح تختلف من شخص لآخر، لكن الأكثر انتشارا هي: الضعف العام في الجسم بسبب سوء امتصاص الغذاء إضافة إلى المغص وإسهال والقيء والطفح الجلدي، إضافة إلى آلام بالصدر في بعض الحالات. ويرتبط المرض بتأخر النمو لدي الطفل المصاب والتقزم في بعض الأحيان عند إهمال الطفل أو التشخيص المتأخر.
وأردفت أنه يصيب أيضا البالغين، وقد يسبب العقم ومشكلات في الإنجاب، ولذلك ينصح من يعانون من العقم أن يجروا تحليلاً خاصاً لاكتشاف المرض.
أنواع الأغذية
وأشارت إلى أنه “لا توجد دراسات تجزم بسبب ذلك المرض، لكنه يصيب الإناث بصورة أكبر من الذكور”، لافتة إلى أن بعض الدراسات توصلت إلى أن “بعض العادات الخاطئة تتسبب في الإصابة بذلك المرض، مثل تقديم الطعام (لا سيما منتجات القمح) للمواليد قبل بلوغ الستة أشهر، بما قد يسهم في إصابة الطفل بحساسية الغلوتين”، موضحة أنه “لا يفضل أن يتناول الطفل منتجات القمح قبل عام من ولادته”.
ولفتت إلى أنه “من الأطعمة غير المسموح بها لمرضى الداء البطني جميع المخبوزات والحبوب المصنوعة من القمح، إضافة إلى المعكرونة المصنوعة من القمح، والفطائر والحلوى المصنوعة من مكونات غير مسموح بها، والبسكويت والآيس كريم”.
في المقابل مسموح تناول المخبوزات المصنّعة من الذرة والأرز والصويا ونشا الذرة والبطاطا، إضافة إلى المعكرونة المصنوعة من الأرز والذرة والصويا والبقوليات والبطاطس والحمص.