قام خبراء في علم الأحياء والفيزياء الحيوية بتغذية نظام ذكاء اصطناعي بكميات هائلة من الحمض النووي والبيانات الطبية لمئات الآلاف من المتطوعين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وسمح لهم ذلك بتطوير تطبيق “آيفون” يحركه الذكاء الاصطناعي والذي، من خلال إدخال بسيط من المستخدم، يمكنه تقدير معدل الشيخوخة البيولوجية والحد الأقصى للعمر بدقة.
وكجزء من دراسة البيانات الضخمة، وجدوا أن هناك عاملان رئيسيان مسؤولان عن عمر الإنسان، يغطي كلاهما عوامل نمط الحياة وكيفية استجابة أجسامنا. العامل الأول هو العمر البيولوجي، المرتبط بالإجهاد ونمط الحياة والمرض. والثاني هو المرونة، ما يعكس مدى سرعة عودة العامل الأول إلى طبيعته.
وسمح هذا للفريق بتحديد أن أطول مدة من المحتمل أن يعيشها أي إنسان هي 150 عاما، أي ضعف متوسط العمر في المملكة المتحدة الحالي البالغ 81 عاما.
ويعتمد الاكتشاف على عينات دم مأخوذة من دراستين مختلفتين للحمض النووي الطولي، قام بتحليلها فريق من Gero، وهي شركة تكنولوجيا حيوية مقرها سنغافورة، ومركز Roswell Park الشامل للسرطان في بوفالو، نيويورك.
واستخدم الباحثون أداة تسمى DOSI (مؤشر حالة الكائن الحي الديناميكي)، والتي تأخذ في الاعتبار عوامل العمر والمرض ونمط الحياة، لمعرفة مدى مرونة أجسامنا، بما في ذلك قدرتها على التعافي من الإصابة أو المرض.
وقال معد الدراسة الأول، الدكتور تيم بيركوف، من Gero: “تم تنفيذ حساب المرونة استنادا إلى تدفقات بيانات النشاط البدني في تطبيق “آيفون” GeroSense. إنه يظهر خسارة كاملة في مرونة جسم الإنسان، أي القدرة على التعافي، في سن ما بين 120 إلى 150 عاما”.
وتضمنت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Communications، أيضا بيانات عدد الخطوات من حوالي 4500 بالغ في الولايات المتحدة.
وقال الدكتور بيتر فيديشيف، أحد مؤسسي شركة Gero: “تقدم الشيخوخة عند البشر سمات عالمية مشتركة للأنظمة المعقدة التي تعمل على شفا التفكك. وهذا العمل هو عرض لكيفية استخدام المفاهيم المستعارة من العلوم الفيزيائية في علم الأحياء لاستكشاف جوانب مختلفة من الشيخوخة والضعف لإنتاج تدخلات قوية ضد الشيخوخة”.
ويعتقد الفريق أن الخلايا الشائخة – أو “الزومبي” – تحمل مفتاح قرص “إكسير الشباب”، لأنها “حية ولكنها لا تعمل”.
وربطت هذه الخلايا بكل شيء من التهاب المفاصل إلى مرض الزهايمر.
وبالنسبة لمعظم التاريخ البشري المسجل، كان متوسط العمر المتوقع بين 20 و40 عاما. واليوم في المملكة المتحدة حوالي 80 عاما وفي الولايات المتحدة حوالي 78 عاما.
وكانت التغذية المحسنة والمياه النظيفة والصرف الصحي الأفضل وتطبيق العلوم الطبية، من العوامل الأساسية في زيادة متوسط عمرنا بشكل كبير.
ويعتقد الخبراء أنه في المستقبل، قد يؤدي التلاعب الجيني وتقييد السعرات الحرارية والأدوية إلى إطالة العمر أكثر بكثير، لكن تحليل DOSI يضع حدا صارما لمدى ذلك.
ووجد التحليل أن تقلبات DOSI تزداد مع تقدم العمر، بسبب زيادة وقت التعافي، واستخدم الدكتور بيركوف هذا لمعرفة المدة التي يمكننا خلالها الاستمرار في العمل.
وستخيب النتيجة آمال بعض الباحثين في مجال طول العمر – الذين قالوا إنه من الممكن العيش حتى 1000، ووجدوا بدلا من ذلك أن الحد الأقصى يبلغ حوالي 150 عاما.
ولوحظ انخفاض المرونة حتى لدى أولئك الذين لا يعانون من مرض مزمن رئيسي، ما أدى إلى نطاق متزايد من التقلبات.
وقال الدكتور بيركوف: “مع تقدمنا في العمر، نحتاج إلى المزيد والمزيد من الوقت للتعافي بعد الاضطراب، وفي المتوسط نقضي وقتا أقل وأقل بالقرب من الحالة الفسيولوجية المثلى”.
وقام الفريق أيضا ببناء DOSI يمكن ارتداؤه يسمى GeroSense لحساب المرونة، استنادا إلى دفق من نقاط البيانات المختلفة حول النشاط البدني للمستخدمين.
ووجدت دراسة سكانية أن المرونة تزداد أضعافا مضاعفة مع تقدم العمر – وتتضاعف كل ثماني سنوات، بما يتوافق مع “قانون الوفيات Gompertz”.
وسمي هذا القانون على اسم عالم الرياضيات والعالم بنجامين غومبيرتز، الذي تعلم ذاتيا في القرن التاسع عشر، ولاحظ أن المخاطر تتضاعف كل ثماني سنوات.
وقال المعد المشارك البروفيسور أندريه جودكوف، من مركز Roswell Park الشامل للسرطان في الولايات المتحدة، إن هذه الدراسة الجديدة هي “اختراق مفاهيمي”، و”تحدد وتفصل بين أدوار العوامل الأساسية في طول عمر الإنسان – الشيخوخة، التي تُعرف بأنها الفقدان التدريجي للمرونة، والأمراض المرتبطة بالعمر. إنه يفسر لماذا حتى الوقاية والعلاج الأكثر فعالية للأمراض المرتبطة بالعمر يمكن أن يؤدي فقط إلى تحسين متوسط العمر، ولكن ليس الحد الأقصى للعمر ما لم يتم تطوير علاجات حقيقية مضادة للشيخوخة”.
وقال بريان كينيدي، عالم فيزيولوجي في جامعة سنغافورة الوطنية، لم يشارك في الدراسة، إن هذا سيساعد الأطباء على فهم حدود طول العمر. والأهم من ذلك، أن الدراسة قد تساعد في سد الفجوة المتزايدة بين الصحة والعمر، والتي تستمر في الاتساع في معظم البلدان النامية.