كشف خبراء عن انفجار ضخم لأشعة غاما على بعد أكثر من مليار سنة ضوئية من الأرض، ليكون أكبر انفجار في الكون التُقط بواسطة كاميرا علماء الفلك.
وشهد الحدث المتفجر موت نجم وبداية تحوله إلى ثقب أسود، وفقا لخبراء من Electron Synchrotron الألمانية في هامبورغ.
وكان هذا انفجارا ضخما لأشعة غاما، يتكون من مزيج من ومضات أشعة غاما الساطعة والأشعة السينية التي لوحظت في السماء، المنبعثة من مصادر بعيدة خارج المجرة.
واكتُشف بواسطة تلسكوبات Fermi وSwift الفضائية، بدعم من تلسكوب النظام المجسم عالي الطاقة (H.E.S.S) الموجود على الأرض في ناميبيا.
وعلى الرغم من كونه على بعد مليار سنة ضوئية من الأرض، إلا أن هذا يعتبر ضمن “الفناء الخلفي الكوني”، قادما من كوكبة إريدانوس.
ويقول الفريق الألماني الذي رصده، إنه الإشعاع الأكثر نشاطا وأطول شفق لاحق لأشعة غاما من أي انفجار لأشعة غاما اكتُشف حتى الآن.
وكانت انفجارات أشعة غاما السابقة على بعد 20 مليار سنة ضوئية في المتوسط.
واكتُشف الانفجار، المسمى GRB 190829A، لأول مرة في 29 أغسطس 2019.
وتتحدى الملاحظات من H.E.S.S. الفكرة الراسخة حول كيفية إنتاج أشعة غاما في هذه الانفجارات النجمية الهائلة، التي تأتي على شكل صرخات ولادة الثقوب السوداء.
وقال الدكتور أندرو تيلور، من Electron Synchrotron الألمانية (DESY)، وهو معد مشارك في الدراسة، إنهم كانوا “في الصف الأول” عندما حدث انفجار أشعة غاما.
وأوضح: “يمكننا مراقبة الشفق اللاحق لعدة أيام وإلى طاقات غير مسبوقة من أشعة غاما”.
وسمحت المسافة القصيرة نسبيا إلى انفجار أشعة غاما، بقياسات مفصلة لطيف الشفق اللاحق، أي توزيع طاقات الفوتون للإشعاع في نطاق طاقة عال جدا.
وشاركت في البحث أيضا إدنا رويز فيلاسكو، وهي طالبة دكتوراه من معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية في ألمانيا.
وقالت إنهم كانوا قادرين على تحديد طيفه حتى 3.3 تيرا إلكترون فولت، أو تريليون مرة من الطاقة مثل الفوتونات داخل الضوء المرئي.
وأوضحت فيلاسكو: “هذا هو الشيء الاستثنائي للغاية بشأن انفجار أشعة غاما – حدث في فنائنا الخلفي الكوني. ولم يتم امتصاص الفوتونات عالية الطاقة في التصادم مع ضوء الخلفية في طريقها إلى الأرض، كما يحدث على مسافات أكبر في الكون”.
وتمكّن الفريق من تتبع الشفق اللاحق لـ GRB 190829A، وهو انفجار أشعة غاما الرابع فقط الذي اكتُشف من الأرض، حتى ثلاثة أيام بعد الانفجار الأولي.
ومع ذلك، فإن الانفجارات المكتشفة في وقت سابق حدثت على مسافة أبعد بكثير، ويمكن ملاحظة الشفق اللاحق لها فقط لبضع ساعات لكل منها.
وقالت عالمة DESY، سيلفيا تشو، إحدى معدي الورقة البحثية، إن هذه الانفجارات هي الأكبر في الكون، بسبب انهيار نجم سريع الدوران. وهذه النجوم في لحظاتها الأخيرة قبل أن تتحول إلى ثقب أسود، عندما يغذي جزء صغير من طاقة الجاذبية المحررة إنتاج موجة انفجار فائق الصغر – يتم اكتشافها على شكل انفجار لأشعة غاما”.
وأوضحت أن “انبعاثها ينقسم إلى مرحلتين متميزتين: مرحلة فورية فوضوية تدوم عشرات الثواني، تليها مرحلة تلاشي طويلة الأمد، تتلاشى بسلاسة”.
ويمكن للفريق متابعة الشفق حتى ثلاثة أيام بعد الانفجار الأولي. وجاءت النتيجة مفاجئة حيث كشفت الملاحظات عن أوجه تشابه غريبة بين الأشعة السينية وانبعاثات أشعة غاما عالية الطاقة من الشفق اللاحق.
وتفترض النظريات الراسخة أن عنصري الانبعاث يجب أن يتم إنتاجهما بآلية منفصلة، على غرار الطريقة التي تنتج بها مسرعات الجسيمات على الأرض أشعة سينية ساطعة لإجراء التحقيقات العلمية.
ومع ذلك، وفقا للنظريات الموجودة، بدا من غير المحتمل جدا أن تتمكن حتى أقوى الانفجارات في الكون من تسريع الإلكترونات بما يكفي لإنتاج أشعة غاما عالية الطاقة المرصودة بشكل مباشر.
ويرجع ذلك إلى “حد الاحتراق”، والذي يُحدد من خلال توازن تسارع وتبريد الجسيمات داخل مسرع على الأرض.
ولكن ملاحظات الشفق اللاحق لـ GRB 190829A تظهر الآن أن كلا المكونين، الأشعة السينية وأشعة غاما، تلاشيا بشكل متزامن. كما أن طيف أشعة غاما يتطابق بوضوح مع استقراء طيف الأشعة السينية.
وتُعد هذه النتائج معا مؤشرا قويا على أن الأشعة السينية وأشعة غاما عالية الطاقة في هذا الوهج اللاحق، تم إنتاجها بواسطة الآلية نفسها.
ونشرت الورقة البحثية في مجلة Science.