توصلت دراسة جديدة إلى أن مرضى السمنة المصابين بنوع متقدم من سرطان البروستات يعيشون لفترة أطول من المرضى الذين يعانون من زيادة الوزن والوزن الطبيعي.
وتابعت الدراسة أكثر من 1500 مريض على مدى ثلاث سنوات، وكان معدل البقاء على قيد الحياة لدى أولئك المصنفون على أنهم يعانون من السمنة، مع مؤشر كتلة الجسم أكثر من 30، أعلى بنسبة 10% من المرضى النحيفين على مدى 36 شهرا.
وعلى الرغم من أن السمنة ترتبط عادة بزيادة خطر الوفاة من العديد من أنواع السرطان وبعض الأمراض المزمنة الأخرى، إلا أن هناك بعض الأدلة في عدد قليل من أنواع السرطان على ميزة البقاء على قيد الحياة للمرضى الذين يعانون من ارتفاع مؤشر كتلة الجسم. وتُعرف هذه الظاهرة باسم “مفارقة السمنة”.
ومفارقة السمنة هي فرضية طبية تنص على أن السمنة (وارتفاع الكوليسترول، عند استخدام الاصطلاح الأشمل لعلم الأوبئة العكسي) قد تكون على نحو غير متوقع وقائية ومرتبطة بارتفاع معدل البقاء على قيد الحياة لدى مجموعات معينة من الأشخاص.
وأراد نيكولا فوساتي وألبرتو مارتيني وزملاؤه في جامعة سان رافاييل في إيطاليا، اختبار ما إذا كانت “مفارقة السمنة” تنطبق على مرضى سرطان البروستات النقيلي المقاوم للإخصاء، وهو شكل متقدم من المرض لم يعد يستجيب للعلاجات الخافضة لهرمون التستوستيرون.
ودرسوا معدلات البقاء على قيد الحياة في 1577 مريضا شاركوا في ثلاث تجارب سريرية مختلفة، بمتوسط عمر 69 ومتوسط مؤشر كتلة الجسم 28.
ووجدوا أن مؤشر كتلة الجسم كان عاملا وقائيا في كل من البقاء على قيد الحياة بشكل عام وخاصة بالسرطان، مع احتمالية بقاء أعلى بنسبة 4% واحتمالية بقاء خاصة بالسرطان بنسبة 29%. حتى عندما تم تعديلهم لجرعات أعلى من العلاج الكيميائي الممنوح للمرضى، وجد الفريق أن التأثير الوقائي بقي قائما.
وعلى مدى 36 شهرا، نجا نحو 30% من مرضى السمنة مقارنة بـ 20% من الذين يعانون من زيادة الوزن والوزن الطبيعي.
ويقول الدكتور نيكولا فوساتي، أخصائي المسالك البولية في جامعة سان رافاييل: “بالنظر إلى المرضى الذين يعانون من ورم خبيث لسرطان البروستات، وجدنا أن المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة يعيشون لفترة أطول. وهذا يعني أنه يمكن استخدام مؤشر كتلة الجسم للتنبؤ بالبقاء على قيد الحياة لدى هؤلاء المرضى”.
وأضاف: “لوحظت مفارقة السمنة هذه في بعض أنواع السرطان الأخرى، ربما بسبب العلاقة بين دهون الأنسجة وجينومات السرطان، وهناك حاجة إلى مزيد من البحث في هذا المجال. ومن الممكن أيضا أن يكون تحسين البقاء على قيد الحياة ناتجا عن تفاعل العلاج الكيميائي مع الأدوية الأخرى، حيث يميل مرضى السمنة في هذه الفئة العمرية الأكبر سنا إلى تناول الأدوية لحالات أخرى ولا نفهم تماما كيف تترابط هذه الأدوية”.
وتابع: “مع ذلك، لا نوصي بزيادة الوزن لأي شخص مصاب بهذا المرض أو غيره. فالسمنة عامل خطر للعديد من السرطانات والأمراض الأخرى، ويجب أن يسعى المرضى دائما إلى الحصول على مؤشر كتلة جسم صحي من 18 إلى 24”.
وأشار البروفيسور بيتر ألبرز، من جامعة دوسلدورف: “هناك العديد من التفسيرات المحتملة للارتباط بين وزن الجسم والنتائج الإيجابية في السرطانات النقيلية. وقد يكون المرضى الذين يعانون من ارتفاع مؤشر كتلة الجسم قادرين على تحمل سمية العلاجات وآثارها الجانبية أفضل؛ في سرطان البروستات قد يكون ذلك بسبب التأثير الوقائي للهرمونات الموجودة في دهون الأنسجة، ومن المعروف أن الرجال الأصحاء الذين لديهم مؤشر كتلة جسم أعلى بقليل لديهم متوسط عمر أعلى مقارنة بالأشخاص النحيفين للغاية. ومع ذلك، في الوقت الحالي، هذه مجرد فرضيات. وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد الآلية البيولوجية وراء هذه النتائج المختلفة. وحتى يتم إثبات هذه الآلية، لا يمكننا التوصية بأي تغيير في العلاج للمرضى المصابين بسرطان البروستات المتقدم”.