اختبر عالم الطبيعة والمستكشف الأميركي بول روسولي الكثير من المشاعر خلال مغامراته داخل غابات الأمازون. في كل صباح موعد جديد مع الإثارة والمتعة والتعلم والكثير من محاولات إنقاذ الحياة البرية بالمنطقة.
ويعيش روسولي في الأمازون منذ 15 عاما وتحديدا على ضفاف نهر لاس بيدراس بدولة بيرو حيث يعمل في مجال دعم النظم البيئية والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض وحماية نحو 55 ألف فدان في الغابات من الإتجار غير المشروع.
ولدى الناشط في مجال الحفاظ على البيئة أكثر من كتاب عن تجربته داخل غابات الأمازون من بينهم “Mother of God” جرى نشره عام 2014، كما شارك في عدد من الأفلام الوثائقية، أبرزها “عالم غير مرئي” و”الحيوانات الخطرة في أمريكا اللاتينية” من إنتاج شركة نتفيلكس العالمية.
وفي حديثه إلى موقع “سكاي نيوز عربية”، يكشف روسولي الفرق بين طبيعة الحياة في المدينة وغابات الأمازون وعن العيش رفقة النمور والأسود والأناكوندا وعلاقته بالسكان الأصليين بالمنطقة وكيفية تعاملهم مع تفشي فيروس كورونا المستجد والجهود المبذولة للعناية بـ”رئة الأرض”.
لا تشبه المدينة
ويقول روسولي لموقع “سكاي نيوز عربية”: “أعمل في واحدة من أجمل مناطق الأمازون، الأوضاع هنا لا تشبه المدينة أبدا، رفاهية الطرق والكهرباء والأجهزة غير متاحة، لا توجد في الغابة سوى الأشجار والحيوانات، لابد من التأقلم سريعا ومع الوقت تشعر بأنك جزء من دورة الحياة”.
ويضيف الباحث البيئي: “كل يوم في الأمازون مختلف، في الصباح أقول مرحبا للقرود والعنكبوت والطيور ثم أنطلق إلى قاربي للتحقق من وجوده وسط ظروف الطقس الصعبة، كما أتعلم مسارات الحركة في الغابة وإحضار طعام يكفي لعدة أسابيع وإبعاده عن النمل والمطر وعوامل الصدأ وفي أيام أخرى أسير لساعات لتقييم حالة الأشجار”.
ويستعد روسولي في الفترة المقبلة لعرض فيلمه الجديد Dark Green الذي يوثق جولاته داخل غابات الأمازون في بيرو ورحلاته الاستكشافية بالمنطقة التي تتسم بالمفاجآت واللقاءات غير التقليدية مع الحيوانات وقدرته على العيش بأبسط الإمكانيات في الأماكن الموحشة.
مواجهات قاتلة
وعن اقترابه من حيوانات مفترسة أثناء العيش في الأمازون يذكر لموقع “سكاي نيوز عربية”: “خضت لقاءات جنونية مع الأناكوندا التي أصبحت شرسة للغاية، وذات يوم لاحظت عيون تراقبني في الظلام بينما أتفقد القارب ليلا واكتشفت أنه النمر الأميركي، قضينا بعض الوقت معا في فحص بعضنا ثم غادرت سريعا، تلك المواجهات تجعل الحياة في الأمازون مثيرة”
وأثناء مكوثه في غابات الأمازون لا يتمكن روسولي من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، يوضح ذلك قائلا: “أحاول الابتعاد عنها كما أنني لا أملك إنترنت أو وسيلة اتصال في الغابة وهو أمر جيد، لكن في الوقت نفسه هي أداة رائعة لحفظ ذكرياتي بالمكان وتساعدني من حين لآخر في الحديث عن القضايا البيئية”.
وتواجه المنطقة التي يعيش بها روسولي بالأمازون تهديدا بسبب أعمال التعدين وعمليات تقطيع الأشجار وفقا لحديث المستكشف الأميركي، لذلك اجتمع رفقة عدد من علماء الطبيعة المحليين والخبراء الدوليين لتشكيل منظمة من شأنها الحفاظ على الغابة من التحول إلى أرض قاحلة.
ويسترسل روسولي: “بدأنا في توظيف قاطعي الأشجار وعمال مناجم الذهب والصيادين لينضم إلى فريق الحراسة والمتخصصين في الحفاظ على البيئة فضلا عن مساعدة المجتمعات المحلية على حماية تراثهم والحصول على سبل عيش مستدامة تحمي الغابة بدلا من تدميرها”.
الوباء في الأمازون
وعن مواجهة تفشي فيروس كورونا في منطقة الأمازون على مدار أكثر من عام ونصف يقول روسولي: “السكان الأصليون هم أعظم رصيد لحماية الأمازون لكننا فقدنا الكثير منهم بسبب كورونا نتيجة لقلة الدعم الطبي ونفاد الأوكسجين والإمدادات من المستشفيات المحلية لعلاج الضحايا”.
ويضيف الباحث البيئي: “أيضا العزلة التي فُرضت على الجميع بسبب تفشي الوباء أدت إلى عدم تطبيق القانون في المناطق النائية من الغابة بصورة كاملة وسرعان ما شاهدنا عمليات إزالة للغابات على نطاق واسع”.
وعانت منطقة الأمازون قبل ظهور فيروس كورونا من اندلاع حرائق ضخمة في عام 2019 اهتز من أجلها العالم، وهي أزمة كبيرة تواجه الغابات كما يشدد روسولي خلال حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، مؤكدا على نشوب النيران مرة أخرى في عام 2020 بطريقة أسوأ معتبرا إياه ناقوس خطر حتى ينتبه العالم لأهمية المنطقة.
ويتمنى روسولي تضافر جميع الدول والجهات الحكومية والخاصة مع العلماء وجماعات السكان الأصليين في الأمازون للحد من إزالة الغابات وتدمير المنطقة، منوها إلى أن تلك المشكلة يمكن حلها في غضون شهور قليلة في حالة تكاتف الجميع وفرض عقوبات صارمة على المخالفين.