يُعتبر الأمل مصدرًا قويًا للدعم والتحفيزفهو يمنحنا الإيمان بوجود مستقبل أفضل ينتظرنا ويدفعنا للمضي قدمًا رغم التحديات. ومع ذلك، قد يكون هناك نوع آخر من الأمل يُعرف بالأمل الكاذب وهو الأمل الزائف أو المخادع، فيبدو مشرقًا ومليئًا بالفرص، لكنه يثبت عدم واقعيته في نهاية الأمر.
الأمل بحد ذاته ليس كاذباً، إذ يعتبر الأمل عاطفة إيجابية وقوة دافعة في الحياة. ومع ذلك، هناك حالات يمكن أن نعتبرها “أملًا كاذبًا” نظرًا لتوقعات غير واقعية أو فهم خاطئ للواقع، قد يحدث ذلك عندما نعلق آمالًا كبيرة على أمور لا تتحقق، أو عندما نتوقع نتائج إيجابية دون أساس واضح، فيكون الأمل الكاذب نتيجة لتضخيم الآمال أو تجاهل الواقعية.
يخدعنا الأمل الكاذب (أو بالأصح نحن نخدع أنفسنا به) بعدة مجالات فقد يكون للأمل الكاذب دور في ..
– العلاقات العاطفية، عندما يعلق شخص توقعات غير واقعية على الشريك أو يتجاهل الصعوبات الحالية في العلاقة.
– وللأمل الكاذب دور أيضًا في المجال المهني، وذلك عندما يتوقع الشخص تحقيق النجاح الكبير دون وضع خطة ودراسة واقعية أو العمل الجاد المطلوب.
– في مجال الصحة، فكم من مريض تجاهل الطب والأطباء متأملاً بفعالية وصفة سمعها يوماً من جده الذي مات متأثراً بذات المرض.
أما بالنسبة للعوامل التي يمكن أن تؤدي إلى تعلقنا بتوقعات غير واقعية فمنها:
– الأمل والرغبة في الحصول على الأفضل: وهنا قد نتعلق بتوقعات تتجاوز الحدود الواقعية.
– النماذج والقدوات: قد يكون لبعض الأشخاص الذين نحترمهم أو نحتذي بهم أثراً في تشكيل توقعاتنا فتوقع نفس المستوى من النجاح، بغض النظر عن قدراتنا الفردية وظروفنا.
– تأثير وسائل الإعلام والمجتمع: قد يؤثر الضغط الاجتماعي وتصورات النجاح المثلى التي تعرضها وسائل الإعلام على توقعاتنا بسبب التعرض المتكرر لقصص النجاح الاستثنائية.
– عدم وعي الواقعية: قد ينتج تعلقنا بتوقعات غير واقعية عن عدم وعينا الكامل بالواقعية الحقائق، وهنا قد نتجاهل أو نستهين بالتحديات والعقبات المحتملة.
– الخيال والتصوّر: قد يكون لدينا ميول نحو الخيال والتصوّر الزائد، حيث نميل إلى إنشاء صور مثالية للمستقبل وتوقعات لامتناهية.
– الاحتياجات النفسية: كالبحث عن التقدير والرضا الذاتي واعتراف الآخر بنا من خلال تحقيق أهداف كبيرة غير واقعية.
– الثقة المفرطة بالنفس: وهنا قد نعتقد أن لدينا القدرة على تحقيق أي شيء دون النظر إلى الحقائق والقيود، فنرفع توقعاتنا لمستويات غير واقعية.
– الهروب من الواقع: التعلق بأهداف مستحيلة هو وسيلة للهروب من الواقع الصعب أو المشاعر السلبية.
يرتكز الأمل الكاذب على عدة عوامل ومنها ..
الوعود: تشجع الوعود على الأمل والثقة وعلى الرغم من أن هذه الوعود يمكن أن تكون مصدرًا للراحة والدعم، إلا أنها قد تعزز أحيانًا توقعات غير واقعية للنجاح والتغيير السريع في الحياة
التركيز على حياة أخرى: هذا التركيز على حياة أخرى كالحياة بعد الزواج أو بعد الهجرة مثلا، وهذا يدفع البعض لتجاهل الواقع الحالي والتعلق بتوقعات غير واقعية للمستقبل
التفسيرالخاطئ للأحداث والقصص: حيث تؤدي التفسيرات للأحداث والتجارب والقصص المغرقة في القدم إلى خلق توقعات غير واقعية بالنسبة للنتائج المرتبطة بتلك الأحداث أو بأحداث مشابهة لها.
في النهاية، يجب أن نحافظ على الأمل الحقيقي ونستثمره في الأهداف والأحلام التي تستحق التمسك بها، لأنه يستطيع أن يدفعنا للنمو والتطور ويكون مصدرًا للإلهام والتفاؤل الدائم. ومن الحكمة أن نتعلم من الأمل الكاذب – والذي يمكن أن ندعوه بالوهم – ونعتمد نهجًا أكثر واقعية وتوازناً في الحياة، يُعتبر الوهم تحديًا يمكننا التعامل معه وتجاوزه عندما نتعلم الاستفادة من التجارب ونواجه الواقع برحابة صدر،أما عن إمكانية تمييز ألأمل عن الوهم فذلك يكون عندما يدفعنا الأخير لتجاهل الواقع أو تجاهل العلامات التحذيرية الحقيقية.
د.غفران جميل