طور العلماء أول مادة بلاستيكية قابلة للتحلل الحيوي في غضون أسابيع قليلة فقط عند تعرضها للحرارة والماء.
ومعظم ما يسمى بالبلاستيك “القابل للتسميد” اليوم مصنوع من بوليستر يسمى “متعدد حمض اللبنيك”، أو PLA، ولا يتحلل فعليا أثناء التسميد المعتاد.
ونتيجة لذلك، غالبا ما ينتهي بها الأمر في مقالب القمامة، حيث تبقى مثل البلاستيك التقليدي “إلى الأبد”.
ومع ذلك، قام باحثون من الولايات المتحدة بدمج إنزيمات آكلة للبوليستر، محمية بغلاف بوليمر خاص، في بلاستيك بوليستر أثناء تصنيعها.
وعند تعرضها للحرارة والماء، يتم إطلاق الإنزيمات بواسطة أغلفتها وتعمل على تفتيت البلاستيك إلى الأجزاء المكونة له.
وفي حالة “متعدد حمض اللبنيك”، يتم تقليل البلاستيك بواسطة إنزيم “بروتيناز K” إلى حمض اللاكتيك، والذي يمكن استخدامه لتغذية ميكروبات التربة الموجودة في السماد.
وأوضح الفريق أن أغلفة الإنزيم تتحلل أيضا تحت الضوء فوق البنفسجي. ويتحلل بنسبة 98% إلى جزيئات صغيرة.
وقال مؤلف الورقة وعالم المواد تينغ شو من جامعة كاليفورنيا بيركلي: “أصبح الناس الآن على استعداد للانتقال إلى البوليمرات القابلة للتحلل للمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد”.
وتكمن مشكلة البلاستيك التقليدي في أنها مصممة بطبيعتها بحيث لا تتحلل، وهو أمر رائع للاستخدام العادي، ولكنه غير مفيد للبيئة لاحقا عند التخلص منه.
وفي الواقع، تتمتع أكثر أنواع البلاستيك متانة بهيكل جزيئي يشبه البلور تقريبا، مع ألياف بوليمر محاذية بإحكام بحيث لا تستطيع الميكروبات التي تأكل البوليمر من الخارج الدخول.
ويتغلب نهج البروفيسور شو وزملائه على هذه المشكلة عن طريق إضافة الميكروبات إلى البلاستيك قبل الاستخدام.
وكان مفتاح ابتكار الباحثين هو تطوير طريقة لمنع إنزيمات أكل البوليستر من الانهيار، وهو ما تفعله البروتينات عادة عند إزالتها من بيئتها الأصلية، مثل تلك الموجودة في الخلية الحية.
وكانت الأغلفة التي استخدموها لحماية الإنزيمات مصنوعة من جزيئات تسمى “بوليمرات غير متجانسة عشوائية”، والتي تربط البروتينات ببعضها برفق دون تقييد مرونتها الطبيعية.
وتتحلل هذه الجزيئات تحت الضوء فوق البنفسجي وتتواجد بتركيز 1% فقط بالوزن في البلاستيك، والذي يقول الباحثون إنه منخفض بما يكفي لعدم إحداث مشكلة.
ولصنع مادة قابلة للتحلل الحيوي، يتم تضمين الجسيمات النانوية من الإنزيمات المغلفة في المليارات من حبيبات الراتنج التي تمثل نقطة البداية لجميع عمليات تصنيع البلاستيك، إلى حد كبير بنفس الطريقة التي تستخدم بها الأصباغ لتلوين البلاستيك.
وأوضح البروفيسور شو: “إذا كان الإنزيم موجودا على سطح البلاستيك فقط، فسيتم حفره ببطء شديد. نريد أن يتم توزيعها باستخدام المنظار النانوي في كل مكان بحيث يحتاج كل منها إلى التهام جيرانه من البوليمر، ثم تتفكك المادة بأكملها”.
وأظهر الفريق في دراستهم أن الإنزيمات المغلفة بالبوليمرات غير المتجانسة لم تغير الخصائص الأساسية للبلاستيك، الذي ما يزال من الممكن صهره وشقه إلى ألياف عند درجة حرارة نحو 338 درجة فهرنهايت (170 درجة مئوية).
وفي ظل ظروف التسميد الصناعي بدرجة حرارة عالية تبلغ 122 درجة فهرنهايت (50 درجة مئوية)، وجد أن “متعدد حمض اللبنيك” المعدل يتحلل تماما في غضون ستة أيام.
ويتطلع العلماء أيضا إلى برمجة البوليمرات غير المتجانسة العشوائية بحيث يمكن إيقاف تحلل البلاستيك جزئيا، ما يسمح بإعادة صهر البلاستيك لأغراض أخرى.
ووفقا للفريق، لا تتحلل البوليسترات المعدلة في درجات الحرارة المنخفضة أو خلال فترات الرطوبة القصيرة، ما يعني أنه يمكن استخدامها لصنع الملابس، على سبيل المثال، التي يمكن أن تتحمل العرق ويتم غسلها في درجة حرارة معتدلة.
وبالمثل، فإن النقع في الماء لمدة ثلاثة أشهر في درجة حرارة الغرفة لا يتسبب في تحلل البلاستيك، على عكس الماء الفاتر.
وقال البروفيسور شو: “استخدمنا ماء الصنبور الدافئ. فقط قم بتسخينه إلى درجة الحرارة المناسبة، ثم ضعه في الداخل، وسترى أن البلاستيك يختفي في غضون أيام قليلة”.
وعلق البروفيسور شو قائلا: “من الجيد أن يفكر جيل الألفية في هذا الأمر ويبدأ حوارا لتغيير الطريقة التي نتعامل بها مع الأرض”.
ونُشرت النتائج الكاملة للدراسة في مجلة Nature.